بِـسْـمِ اللَّهِ الـرَّحْـمَـنِ الـرَّحِـيـمِ
الـسَّـلَامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبـَرَكَـاتُـهُ
الحَمْدُ للهِ الحَمِيدِ المَجِيدِ؛ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ، وَهُوَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَمُعَافَاتِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى حُكْمِهِ وَمُجَازَاتِهِ،
يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ سَيِّئَةً مِثْلَهَا، وَيُضَاعِفُ الحَسَنَةَ إِلَى عَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛
هَدَى قُلُوبَ أُنَاسٍ فَشَرَوُا الآخِرَةِ بِالدُّنْيَا، وَضَلَّ عَنِ هِدَايَتِهِ أَقْوَامٌ فَخَلَدُوا إِلَى الفَانِيَةِ وَضَيَّعُوا البَاقِيَةَ؛
[مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا] {الكهف:17}،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ دَعَا إِلَى الهُدَى فَاتَّبَعَهُ ثُلَّةٌ مِنَ السَّابِقِينَ فَدَوْهُ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ،
وَانْخَلَعُوا مِنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَعَادَوا عَشَائِرَهُمْ وَقَبَائِلَهُمْ؛ فَسَخَّرَهُمُ اللهُ تَعَالَى نُصْرَةً لِنَبِيِّهِ، وَاخْتَارَهُمْ حَمَلَةً لِدِينِهِ،
صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَعَلَى الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَأَطِيعُوهُ، وَأَقِيمُوا دِينَكُمْ، وَتَعَاهَدُوا إِيمَانَكُمْ،
وَتَفَقَّدُوا قُلُوبَكُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَجْسَامِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ،
[يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ] {الشعراء:88-89}.
نُبَذَةُ عَنْ الدُّكْتورِ عَبْدَ الْوَهَّابِ عَزَّامَ رَحمَهُ الله
(1312-1378هـ) (1 )
في مدرسة القضاء الشرعي:
لقد عرفتُ المرحوم الدكتور عبد الوهاب عزام منذ أكثرَ من أربعين سنة، كان في السنين العالية في
مدرسة القضاءِ الشرعيِّ، وكنت في السنين الأولى، فعرفت شخصاً مستقيماً، عفَّ اللسان،
يغار على الإسلام والمسلمين، ويحبُّ أن يجتمع المسلمون.
ترجمته كتاب «اتحاد المسلمين» من التركية إلى العربية:
وإني لأذكر أنه وهو في السنة النهائيّـة بمدرسة القضاء الشرعي، اتجه إلى تعلم التركيّـة، ليتَّخذ من طريق تعلُّمها
وسيلةً للعمل على جَـمْع المسلمين، وأول كتاب ترجمه كان في سنة 1919م، وهو في السنة النهائية بمدرسة القضاء الشرعي،
فقد ترجم مع زميل له كان تركيّـاً كتاب اتِّحاد المسلمين، وهو أقدم كتاب رأيته في بابه.
أثر عمله في باكستان:
وعندما كنت معه في لاهور، طلبت إليه أن يعيد طبع ذلك الكتاب، فقال: إن شاء الله عندما أتفرّغ قليلاً.
ورأيت أثر عمله عندما كنت في باكستان، رأيت رجلاً اتَّجه إلى جعل باكستان دولة عربيّـة، فأنشأ مدارس
كثيرة بها لتعليم اللغة العربيّـة، وكان هو الحامي الحفيظ على هذه المدارس.
انتقاله إلى السعودية:
ومن الغريب أنه بعد أن انتقل من باكستان إلى المملكة العربيّـة السعودية، كادت تَضيعُ هذه المدارس،
لولا أن تَدَارَكَها أغنياءُ باكستان، بأن جَـمَعُوا المعونات الكثيرة لها، وأعادوا بعضَها، ولم يستطيعوا أن يعيدوها كلَّها.
أثره في نشر اللغة العربية:
وأعتقد أن الله لو كان مدَّ في عُمر الدكتور عبد الوهاب عزَّام، وفَرَّغه من الأعمال الحكوميّـة في أيِّ بلدٍ من بلاد الإسلام،
ثم طوَّف في الأقاليم الإسلاميّـة بهذه الرُّوح التي عاش بها في باكستان، لحوَّل الأقاليم الإسلاميّـة كلها إلى بلاد عربيّـة،
رحمه الله رحمةً واسعة، وجزاه عن الإسلام خيراً