منتدى الاسلام ديني العام
اهلا وسهلا بك بيننا
ارجو منك اخي في الله انك تسجل بالمنتدى او تسجل دخولك
من خلال الكبسات اسفله وما احلل كبسة اخفاء
منتدى الاسلام ديني العام
اهلا وسهلا بك بيننا
ارجو منك اخي في الله انك تسجل بالمنتدى او تسجل دخولك
من خلال الكبسات اسفله وما احلل كبسة اخفاء
منتدى الاسلام ديني العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى اسلامي عام يهتم بالديانه الاسلامية بشكل خاص ونتمنى ان يعجبكم المنتدى
 
الرئيسيةالرئيسية  المجلةالمجلة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

  لمسات بيانية من سورة الانسان -3

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
kimou123




عدد المساهمات : 101
نقود للمتجر : 303
تاريخ التسجيل : 30/05/2013

 لمسات بيانية من سورة الانسان -3 Empty
مُساهمةموضوع: لمسات بيانية من سورة الانسان -3    لمسات بيانية من سورة الانسان -3 11750610الخميس مايو 30, 2013 10:39 am


المصدر موقع اسلاميات

آية (24):

(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24))

الآية التي قبلها قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا)
ثم أمره بالصبر بعد ذكر تنزيل القرآن لأن التنزيل يستدعي الصبر لما فيه من
قول ثقيل وأمور وتكاليف تستدعي الصبر (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا
ثَقِيلًا (5) المزمّل) و (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ
عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ
لِلتَّقْوَى (132) طه) ويحتاج أيضاً لصبر على الأذى لأنه سيؤذى بسببه لذا
كان من المناسب بعدما ذكر تنزيل القرآن أن يذكر الصبر لأنه أمر يستدعي
الصبر فقال تعالى (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ).

دلالة كلمة (حكم): في اللغة قد يكون الحكم بمعنى الحكمة (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) الشعراء) وقوله تعالى (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ
صَبِيًّا (12) مريم) أي الحكمة. وقد تأتي بمعنى القضاء أو الفصل (قَالَ
الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ
بَيْنَ الْعِبَادِ (48) غافر) وهنا أمره بالصبر لهما معاً أي أن يصبر
لحكمة أرادها الله تعالى ولحكم الله وقضائه لأن قضاءه له حكمة بمعنى اصبر
لحكم الله وقضائه لحكمة أرادها الله تعالى وهذا ما يُسمى التوسع في المعنى.

(وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا) ما دلالة استخدام كلمة آثم وكفور؟

الآثم
هو الذي يرتكب الإثم والإثم قد يكون ظاهراً وباطناً بدليل قوله تعالى
(وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ
الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) الأنعام) أو من
أعمال القلب أو أفعال الجوارح.

أما الكفور
فهو المبالغ في الكفر وفيه دلالتان: الأولى نقيض الإيمان والثانية نقيض
الشكر لذا قال تعالى في أول السورة (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا
شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)) والكفور المبالغ في الكفر بمعنى نقيض
الإيمان هو الذي استعمل في القرآن (وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ
يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66) الحج) و
(وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ
مُبِينٌ (15) الزخرف) والمبالغ في جحد النعمة والكفر قد يكون باطناً أو
جحود باللسان. وكل كفور آثم وليس كل آثم كفور. ولو قال كافر لنهى عن صنف
واحد وليس عن الصنفين الذين تدلان علهما كلمة كفور.

ما دلالة استعمال (أو) ولم يأتي بواو العطف مثلاً؟

لو جاء بالواو لجاز له أن يُطيع أحدهما إنما استعمال (أو)
دلّت على الأمر بأن لا يطيع واحداً منهما على سبيل الجمع أو الإفراد.
والآثم هو اسم فاعل والأثيم صفة مبالغة وفي هذه الآية أراد تعالى أن لا
يطيع الآثم سواء بالغ في الإثم أو لم يبالغ فلو قال أثيم مثلاً لكان فُهِم
أن النهي فقط عن إطاعة الأثيم ويحق له أن يطيع الآثم وأما استخدام كلمة
أثيم فهي تدل على النهي عن إطاعة الآثم وهو أقل الدرجات فمن باب أولى أن لا
نطيع الأثيم.

في
سورة القلم قال تعالى (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12))
باستخدام الأثيم لأنه لو لاحظنا ما ورد في السورة لوجدنا أن الله تعالى ذكر
فيها كل صفات المبالغة (حلاّف، همّاز، مشّاء، مهين، منّاع للخير) (وَلَا
تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ
(13)) فجو السورة جو مبالغة والأمر الآخر أن الذي يفعل كل هذه الأمور الذي
سبقت ألا يكون أثيماً؟ بالطبع هو أثيم وليس آثم بل إن فعل كل واحدة من هذه
الأفعال يجعله أثيماً وليس آثماً فكيف لو اجتمعت كل هذه الصفات في المعتدي
فلا بد أن يكون أثيماً.

آية (25):

(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25))

علاقة الآية بما قبلها: أمر الله تعالى الرسول r بالذكر والتسبيح بعد الأمر بالصبر (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) والنهي عن طاعة الآثم والكفور (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا)
أمره بالإكثار من الذكر. وفي القرآن نلاحظ أن الله تعالى يأمر بالإكثار من
التسبيح والذكر في المواطن التي تحتاج إلى صبر وفي الأزمات (وَلَقَدْ
نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى
يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) الحجر) وأمره بالتسبيح في قوله (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا
اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) الأنفال) ومداومة التسبيح
تفرّج الكروب كما جاء في قصة يونس وهو في بطن الحوت (فَلَوْلَا أَنَّهُ
كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ
يُبْعَثُونَ (144) الصافات) فالذي نجّى يونس من بطن الحوت هو مداومته على
التسبيح (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ
نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)) والتسبيح وذكر
الله هي أزكى الأعمال وأرفعها عند المليك. فهو ترتيب منطقي جداً بعدما تضيق
الصدور والقلوب نذكر اسم ربنا.

آية (26):

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26))

لماذا قدّم الجار والمجرور على الفعل؟
لأن التهجد شاق على النفس فقدّم الليل بما يقابل الشدة (كَانُوا قَلِيلًا
مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ (18)) قدّم ما هو متعلق على الفعل، (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ
مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ (17) السجدة) (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً
لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) الإسراء)
أمورثقيلة وأجرها عظيم لذا قدّم
(من الليل) على الفعل (فاسجد له). كما أن الترتيب يفيد علو منزلة السجود وتقديم الجارّ والمجرور سوّغ إدخال الفاء في قوله (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) ودلالة الفاء هنا
أنها تفيد التأكيد على أي حال. وقد قال النحاة أن الفاء قد تكون إما جواب
شرط مقدّر يعني مهما كان الأمر فاسجد له وهي دعوة للسجود مهما كان الأمر
وقسم آخر يقول أن الفاء زائدة للتوكيد وفي كلتا الحالتين يكون التوكيد
للسجود والدلالة على أهميته وعظمته وجاءت الواو قبلها أيضاً
(ومن الليل فاسجد له)
ولا يصح أن نقول (واسجد له من الليل) لأنها تفوت أهمية السجود (لِإِيلَافِ
قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2)
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) قريش) وقوله تعالى (وربّك فكبّر)
فلا يصح التقديم بدون الفاء. أفاد التقديم الدلالة على أهمية السجود
ومنزلته ويفيد الإهتمام لأن أصل التقديم يفيد الإهتمام وهو الذي يُسوّغ
إدخال الفاء في كل أحوالها تدل على عظم منزلة السجود.

وعندما أوصى تعالى رسوله
أن يقوم الليل (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ
مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا
(4) المزمل) هنا أخّر الليل كما يقتضي الترتيب النحوي فلماذا لم يأتي بمثل
ما جاء في آية سورة الإنسان؟

هذا
الأمر في سورة المزمل جاء في أوائل الرسالة ثم لمّا اشتد الأمر أصبح فيه
مشقة ويحتاج إلى صبر كما في سورة الإنسان وهذا في مرحلة متقدمة من الرسالة.
والقرآن يبدأ شيئاً فشيئاً وكلمة تبتّل يفيد التدرج في العبادة وتبتّل
تبتيلا، وتبتيل مصدر الفعل بتّل وهو دلالة على التكثير مثل جرّح تجريح
وتجرّع فأمر الله تعالى رسوله
r أن يبدأ بالتدرج وينتهي بالكثرة.

آية (27):

(إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27))

ما هي العاجلة؟ ولم قال ويذرون وراءهم مع أن اليوم أمامهم؟

العاجلة
هي الدنيا كما هو معروف يعيشون فيها ويتعجّلون أمرها. ويذرون وراءهم لأنهم
نبذوه وراءهم لو عناه أمرهم لجعلوه أمامهم لكنهم تركوه وراءهم هكذا يقول
قسم. وفي استعمال العرب لكلمة وراءهم يذكرون أنها تأتي بمعنى أمامهم كما في
قوله تعالى (من ورائه جهنم) بمعنى أمامهم، وقوله تعالى (وكان وراءهم ملك)
الخرق كان بعد أن ركبوا في السفينة ولو تركوه وراءهم لكانوا نجوا منه.
وراءهم تستعمل لمن كان طالباً لك وهو أمامك كما نقول باللغة العامية (وراءك
امتحان) ليست بمعنى خلفك لكنه يطلبك. إذن العرب تستعمل وراءك بمعنى أمامك
إذا كان يطلبه.

فقوله تعالى (ويذرون وراءهم)
بمعنى تركوه وهو يطلبهم وليسوا بفارّين منه. واللمسة البيانية في النعبير
بوراء بمعنى أمام لأن كلمة وراء فيها معنى الطلب كما يطلب الغريم غريمه (لا
مفر منه طالباً له).

في
سورة القيامة قال تعالى (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20)
وَتَذَرُونَ الْآَخِرَةَ (21) القيامة) فذكر العاجلة وذكر (وتذرون الآخرة)
فلماذا قال في سورة الإنسان يوماً ثقيلاً وفي القيامة قال الأخرة؟

أولاً العاجلة خي نفسها في الآيتين بمعنى الدنيا. أما بالنسبة لاستعمال (يوماً ثقيلا) في سورة الإنسان فلأنه تكرر ذكر اليوم من بداية السورة (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)) و(إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10)) و(فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11))
فالكلام في السورة عن اليوم الذي هو يوم القيامة وهو اليوم الثقيل ثم
عندما ينصرف أهل الجنة إلى الجنة لا يكون ثقيلا،. أما الآخرة فهي أعمّ من
اليوم.

في سورة القيامة جاءت الآيات بالخطاب المباشر (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآَخِرَةَ (21) القيامة) أما في سورة الإنسان فجاءت الآيات باستعمال ضمير الغائب (ويذرون وراءهم) لأن المقام في سورة الإنسان لا يناسب الخطاب المباشر ولا يصحلأنه ذكر أن قسماً ممن ذُكروا في السورة لم يذروا الآخرة (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)) و (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (Cool) وقد وقاهم الله شر ذلك اليوم (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)) فلا يصح إذن الخطاب فكيف يخاطبهم أجمعين وقسم منهم يفعل الخير حتى يقيهم الله شر ذلك اليوم فالخطاب لا يناسب.

آية (2Cool:

(نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28))

علاقة هذه الآية بما قبلها: قال تعالى في هذه الآية (نحن خلقناهم) وفي الآية السابقة قال تعالى (إنا نحن نزّلنا عليك القرآن تنزيلا) وهذا يدل على أن الذي خلقهم وشد أسرهم (نحن) هو الذي أنزل عليهم القرآن (نحن) فينبغي لهم أن يسمعوا لكلام خالقهم ويطيعوا تنزيله فكأن الآية التي سبقت هي مقدمة لهم بأن يسمعوا ما أُنزل على الرسول r.

لماذا تقديم ضمير المتكلم (نحن) عن الفعل (خلقناهم)؟
التقديم له أكثر من سبب وإن كان يجمعها الإهتمام لكن مداراته مختلفة. وهنا
تقديم المعمول على العامل (نحن: مبتدأ) و(خلقناهم: خبر) وفي هذه الحالة
الخبر جملة فعلية وهذا يفيد القصر في الغالب بمعنى لأنه لم تكن هناك جهة
أخرى خلقت أو تشاركه سبحانه في الخلق فهو وحده سبحانه متفرّد بالخلق (بمعنى
نحن خلقناهم حصراً) وكذلك قوله تعالى (
إنا نحن نزلنا عليك القرآن) تفيد الحصر. فالذي خلقهم حصراً هو الذي نزّل القرآن حصراً فعليهم أن يطيعوه.

أوجه التقديم: يجمع التقديم تحت عبارة: كأنما يقدمون الذي هم ببيانه

وقد يقدّم الأفضل وقد يقدّم المفضول حسب السياق وقد يقدّم كلمة على أخرى في مكان ويؤخرها نفسها في مكان آخر ولكلٍ مقامه في البلاغة.

وشددنا أسرهم:
بمعنى أحكمنا خلقهم أي أحكمنا توصيل مفاصلهم وأحكمناها وثبتناها (أي إحكام
الربط). والأسر هي المفاصل والعظام وما إلى ذلك. فهو الذي أحكم خلقهم وشد
أسرهم وقد قال تعالى في آية أخرى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وهذا
من تمام النعمة على الإنسان ومن تمام النعمة أن يطيعوه، فالخلق نعمة وشد
الأسر نعمة وهو القادر أن يفعل ما يشاء
(وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا).

لماذا جاء قوله (وشددنا أسرهم)؟ ألا يمكن أن يقال نحن خلقناهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم؟

نحن
خلقناهم هذا أمر وشددنا أسرهم هذا أمر آخر بعد الخلق وهي نعمة أخرى بعد
الخلق ولو لم يقلها للأُغفلت نعمة من نعم الله تعالى. فهو تعالى جعلهم
أقوياء وهذه نعمة وليس فقط الخلق هو النعمة. مثل قوله تعالى (هو الذي
أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة) فهناك عدة أمور بعد الخلق ومن
إتمام النعمة أن يشد أسرهم فيكونوا أقوياء وخلفاء في الأرض.

القرآن كثيراً ما يستعمل الفعل (شدّ) ومضاعفاته مثال قوله تعالى (واشدد به أزري) فهل للفعل شدّ دلالة خاصة في اللغة؟

شدّ
في اللغة بمعنى ربط وأحكم وأوثق وشدّ. وشدّ مضعّف والتضعيف في الغالب فيه
قوة وشدّ فعل ثلاثي ليس مزيداً لكن من الناحية الصوتية تجعل حرف في حرف
فتعطيه قوة.

في
أول السورة قال تعالى (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) وفي هذه الآية
قال تعالى (نحن خلقناهم) فلماذا التوكيد بـ (إن) في الأولى؟

في
اول السورة أكّد بـ(إن) وهنا لم يؤكّد لأنه في أول السورة تحدث عن خلق
الإنسان بعد أن لم يكن شيئاً مذكورا وهي أصعب من الخلق من أب وأم ثم يضع
فيه القابلية على التوالد (وهذه هي البداية) وهي أصعب مما بعدها
(نحن خلقناهم)
فهذه تأتي من سلسلة الآباء من الأبناء. هذا أمر والأمر الآخر كونه خلقهم
أمر غير منازع فيه عند كفار قريش وكثير من الكفار لو سألتهم من خلقهم
ليقولون الله. لكنهم ينازعون في أن الخلق لم يكن ثم كان بمعنى أنه ليس له
بداية كما يقول الفلاسفة والدهريون وينسبون الخلق إلى سلسلة الوجود ليس له
بداية فينكرون (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا
الدهر). فالذي ينازع فيه الفلاسفة إذن هو كون هناك بداية للمخلوقات والخلق
(سؤالهم هل هناك بداية؟) وعليه احتاج الأمر إلى توكيد في الآية أول السورة
(إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج).
وهناك أمر آخر قوله تعالى (نبتليه) ذكر تعالى أن الخلق الأول للإبتلاء
وهذا أيضاً أمر منازع فيه وكفّار قريش كانوا ينكرون هذا ويقولون هل خلق
الله الإنسان ليبتليه ثم يحاسبه؟ (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ
نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ
إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) سبأ) وكثير من الناس ينكرون هذا الأمر
أيضاً حتى لو اعتقدوا فعلاً أن الله هو خالقهم. ونلاحظ من كل ما ذكرنا أن
الآية في أول السورة احتاجت إلى توكيد فجاء بـ (إن) في قوله تعالى
(إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) وهو الخلق الأول والبداية وخُلق للإبتلاء وكلها تقتضي التوكيد بخلاف الآية الثانية (نحن خلقناهم وشددنا أسرهم).

(وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا)

جاء
هنا بـ (إذا) دون (إن) وكما سبق وذكرنا في حلقات سابقة أن استعمال (إذا)
يكون للقطع لكثير الوقوع وللمتيقن وقوعه بخلاف (إن) التي تستعمل إذا كان
هناك احتمال للوقوع أو المشكوك في وقوعه. واستعمال (إذا) هنا يدل على أن
الله تعالى سيبدّل أمثالهم ويأتي بأناس مؤمنين مكانهم فالمشيئة حاصلة وقد
تمّت.

آية (29):

(إنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29))

باختصار هذه الآية هي نظير قوله تعالى (إنا هديناه السبيل) فالتخيير هنا كالتخيير هناك. فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا مكان شاكراً ومن لم يفعل ذلك يكون كفورا.

آية (30):

(وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30))

إن مشيئتكم واختياركم كان بمشيئة الله تعالى ولو لم يرد الله تعالى ذلك لما أعطى هذا الإختيار.

آية (31):

(يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31))

ما دلالة هذه الآية وربما يكون هناك من لا يستحق رحمة الله تعالى؟ ذكر تعالى أمرين يرفعان هذا الإحتمال: الأمر الأول أنه قال الله تعالى قبل هذه الآية (إن الله كان عليماً حكيما)
يفعل ذلك لعلمٍ وحكمة ولا يفعل سبحانه إلا لحكمة. ومعناها أنه لا يُدخل في
رحمته إلا من علم سبحانه أنه يستحق. والأمر الآخر قال بعدها
(والظالمين أعدّ لهم عذاباً أليما)
استثنى سبحانه من دخول رحمته الظالمين. فقوله تعالى يُدخل من يشاء في
رحمته استثنى الظالمون ولا يُدخل سبحانه إلا من يستحق واقتضاه العلم
والحِكمة.

لماذا جاءت كلمة الظالمين منصوبة؟
هذا يسموه الإشتغال في باب النحو. وكلمة الظالمين مفعول به مقدّم لفعل إما
أن يكون من نفس الفعل أو أن يكون بمعناه كأن نقول مثلاً زيداً سلّمت عليه
بمعنى حييت زيداً سلّمت عليه لأن فعل سلّم لا ينصب مفعولاً به. وكذلك قوله
تعالى السماء رفعها بمعنى رفع السماء رفعها. فإذا كان الفعل يصحّ أن يتسلّط
على الأول يُقدّر نفسه وإذا كان لا يصحّ يقدّر ما هو قريب منه. فالنصب هنا
من باب الإشتغال وله أغراض عديدة وربما نُفرد له حلقة خاصة لاحقاً.

يقول
تعالى في أول السورة (إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالاً وسعيرا) وفي هذه
الآية قال تعالى (والظالمين أعدّ لهم عذاباً أليما) فهل هذا يدل على أن
العذاب الأول أشد من الثاني؟

في الآية الآولى قال تعالى (للكافرين) وهنا قال (للظالمين)
وليس بالضرورة أن يكون الظالم كافراً، فكل كافر ظالم وليس بالضرورة أن
يكون الظالم كافراً. قال الله تعالى (والكافرون هم الظالمون) إذن قطعاً لا
بد أن يكون العذاب الأول أشدّ لأنه ذكر الكافرين صراحة وهنا عمّم صراحة
فقال الظالمين فمنهم الكافر فيشمله الأول ومنهم من هو غير الكافر فيشمله
العذاب الخاص به. والظلم في القرآن جاء في موضع الشرك (إن الشرك لظلمٌ
عظيم) والظلم في القرآن قد يكون حتى في الأشياء الخفيفة كما قال الله تعالى
(ربنا ظلمنا أنفسنا) و (رب إني ظلمت نفسي) فالظلم يأتي من أشياء قليلة وقد
يصل إلى الشرك الأكبر. وكل مشرك ظالم لكن ليس كل ظالم كافر ولهذا اختلف
العذاب حسب الدرجة.

*(يُدْخِلُ
مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا
أَلِيمًا (31) الإنسان) وفي سورة الفتح (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن
يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ
لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ
بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ
تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
(25) الفتح) ما دلالة تأخير وتقديم المشيئة؟

الآية الأولى في سورة الإنسان (يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31))
والثانية في سورة الفتح (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ
وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ
أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ
لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا
لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)). السياق
في سورة الإنسان في غير المرحومين
(فَاصْبِرْ
لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24))
(نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا
أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28))
إلى أن يقول (يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31))
لما كان السياق في غير المرحومين أخّر الرحمة. والسياق في سورة الفتح في
المرحومين وفي الكلام عن الله (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن
قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)) الكلام عن الله
(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم
بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)) الكلام في الصحابة (لِيُدْخِلَ اللَّهُ
فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا
فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ
سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ
كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا
بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ
آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ
مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27))
هذا الكلام في المرحومين، فلما كان الكلام في المرحومين قدّم رحمته
(لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء (25)) ولما كان السياق في
غير المرحومين أخّر رحمته. (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن
قَبْلُ (28)) هذا الكلام عن الله فقدّم ما يتعلق بالله والضمير يعود إليه.
من حيث البلاغة ليس
(يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ (31)) كمثل (لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء (25))
كل تقديم وتأخير له غرض عند المتكلم البليغ، عندما يتكلم عن الله (سُنَّةَ
اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ
تَبْدِيلًا (23)) قدّم ضميره، ولما كان الكلام على الإنسان قدّم ما يتعلق
بالإنسان من يشاء الإنسان
(يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ (31)) المشيئة لله لكن (من)
للإنسان. كأننا نفهمها يُدخل الإنسانَ الذي يشاؤه الله تعالى. الكلام
(سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ) فقدّم ما يتعلق به وهناك
يتكلم عن الإنسان غير المرحومين فأخّر الرحمة وعندما تكلم عن المرحومين
قدّم الرحمة، الكلام عن الله قدّم ما يتعلق به، الكلام عن الإنسان قدّم ما
يتعلق بالإنسان.

*ما
التوجيه الإعرابي لكلمة (والظالمين) في الآية (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي
رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)
الإنسان)؟(د.حسام النعيمى)


الواو ليست للعطف وإلا لعطف الظالمين على الذين يدخلهم تعالى في رحمته وليست للإستئناف.

هذا
يسمونه باب الإشتغال. في الإشتغال الواو هنا واو عاطفة جملة على جملة أو
إستئنافية يعني تقدير الكلام: وأعدّ للظالمين عذاباً أو أُذكر الظالمين
أعدّ لهم عذاباً أليماً. فهو باب في النحو يسمى باب الإشتغال كأنه تعالى
عاقب الظالمين لأنه لما يكون الإشتغال بحرف جرّ يأتون بالمعنى. هنا
الإشتغال بحرف جر
(والظالمين أعدّ لهم).
لما نقول: زيدٌ أكرمته: الفعل أكرم يتعدّى، تقول أكرمت زيداً (زيداً مفعول
به) ولك أن تقدّمه للإهتمام فتقول: زيداً أكرمت فيكون مفعول به مقدّم، لكن
لما تقول: زيداً أكرمته (أكرم) أخذ الهاء فمن الذي نصب زيداً؟ قالوا هنا
الفعل إشتغل بنصب ضميره عن نصبه. كيف نعرب زيداً؟ قالوا فيها شتى الأقوال
ولكن أفضل الأقوال في الدراسة الحديثة هو ما ذهب إليه الدكتور فاضل
السامرائي في كتابه معاني النحو يقول نعرب زيداً إسم منصوب على الإشتغال
وكفى. لا نقول هناك فعل محذوف. هنا
(والظالمين أعدّ لهم) لأن هذا إشتغل عن طريق حرف الجر (لهم) فتُأوّل عند ذلك من معناها يعني (عذّب الظالمين أو عاقب الظالمين أعدّ لهم عذاباً أليماً) يقدّر فعل. أما على رأي الدكتور فاضل (والظالمين)
إسم منصوب على الإشتغال وإنتهى. مثل زيداً مررت به كأنه المقصود: جاوزت
زيداً مررت به لكن من أين جئنا بفعل جاوزت؟ قُل منصوب على الإشتغال وإنتهى
الأمر. النحو علمٌ نضج وإحترق فلا يبعد أن يكون أحد العلماء القدامى قال
مثل هذا الكلام الذي قاله الدكتور فاضل لكن إلى الآن فالدكتور فاضل هو الذي
قال هذا الكلام.
(والظالمين) منصوب على الإشتغال وليس معطوفاً على مرفوع.

الخطوط التعبيرية في السورة

الواضح في هذه السورة أنها بُنيت على التثنية ووردت الأشياء فيها صنفين على سبيل المثال:

ذكر صنفين من الناس: الشاكر والكفور، وفي آخرها ذكر المرحوم والمعذّب.

ذكر صنفين من العذاب: القيود والسعير.

وذكر صنفين من القيود: السلاسل والأغلال.

وذكر صنفين من أصحاب الجنة: الأبرار وعباد الله السابقين.

وذكر نوعين من الشراب الممزوج: الممزوج بالكافور والممزوج بالزنجبيل.

وذكر نوعين من العبادات الظاهرة: الوفاء بالنذر والإطعام.

وذكر نوعين من العبادات القلبية: الخوف (نخاف من ربنا) والإخلاص (إنما نطعمكم لوجه الله).

نفى المُطعمون عن أنفسهم أمرين: الجزاء (وهو المكافأة بالفعل) والشكور (الثناء باللسان).

لقّاهم شيئين: النضرة (وتكون في الوجه) والسرور (في القلب).

جزاهم الله تعالى بصبرهم شيئين: الجنة (للأكل) والحرير (للبس).

ونفى عنهم رؤية شيئين: الشمس والزمهرير.

وذكر دنو شيئين منهم: الظلال والقطوف.

ذكر الطواف بشيئين: الآنية والأكواب.

ذكر الشُرب بصورتين: من الكأس ومن العين.

وذكر نوعين من الشرب من الكأس: شرب بساقي وشرب بدون ساقي.

ذكر نوعين من الثياب: سندس واستبرق.

ذكر نوعين من الزينة: لباس وأساور.

ذكر لهم شيئين: جزاء وسعيكم مشكورا.

نهى عن إطاعة صنفين من الناس: الآثم والكفور.

طلب من الرسول r الصلاة والتسبيح في النهار والليل.

ذكر وقتين: بكرة وأصيلا.

ذكر عبادتين في الليل: السجود والتسبيح.

ذكر حياتين: الدنيا (العاجلة) والآخرة.

وذكر الحبّ والترك (يحبون ويذرون).

ذكر أمرين من أمر الإنسان: الخلق وشدّ الأسر.

ذكر مشيئتين: مشيئة الله تعالى وكشيئة الإنسان (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله، ويخل من يشاء في رحمته).

ختم بصنفين من الناس: المرحوم (يُدخل من يشاء في رحمته) والمعذّب (والظالمين أعدّ لهم عذاباً أليما).

والسورة فيها خط آخر:
أنه يذكر الأحداث المستقبلية بالفعل الماضي: (إنا أعتدنا للكافرين) (كان
مزاجها) (كان شره مستطيرا) (فوقّاهم) (ولقّاهم) (وجزاهم) و(ذُللت) (كانت
قواريرا) (قدّروها) (حُلّوا) (سقاهم) (كان لكم جزاء) (كان سعيكم) (أعدّ
لهم).

هل للتعبير عن المستقبل بالفعل الماضي دلالة بيانية محددة في اللغة؟

العرب
والقرآن يُعبّرون عن الأحداث الماضية بفعل مضارع وعن الأحداث المستقبلية
بفعل ماضي. والتعبير عن الأحداث المستقبلية بالفعل الماضي دلالة على أن هذا
الأمر واقع وهو بمنزلة ما مضى من الأفعال. فلا شك في وقوع حدث ماضي لأن
الفعل الماضي لا شك في حدوثه فهذه الأحداث المستقبلية وإن كانت مستقبلة فهي
بمنزلة ما مضى من الأفعال ولا شك بوقوعها. فكما أن الفعل الماضي حصل ووقع
فهذه بدلالة ما وقع وحصل. كما في قوله تعالى (وسيق الذين كفروا) وكذلك قوله
(ونادى أصحاب الأعراف). فهذه الأحداث المستقبلية هي من التحقق بمنزلة ما
مضى من الأفعال.

وبالمقابل
له أكثر من غرض متى يستعمل الفعل الماضي في المضارع؟ قال تعالى (قد نرى
تقلب وجهك في السماء) حكاية الحال الفعل الماضي تضفي عليه الحركة والحيوية
وتجعله كأنه معاصر خاصة في الأمور المهمة. وقال تعالى (فلم تقتلون أنبياء
الله من قبل) لم يقل قتلتم وهذا من باب التشنيع على الفعل فعندما تكون
الأمور مهمة التي تحتاج إلى جعلها صورة معاصرة لأن الإنسان يتفاعل مع الصور
الحيّة معه القريبة منه وهي ليست كالأحداث الماضية البعيدة عنه، فقد نسمع
أحداث ماضية ولا نتفاعل معها لكننا بالتأكيد نتفاعل مع حادثة قتل أمامنا
مثلاً. فالعرب عموماً إذا أرادوا حكاية الحال ليعبّروا عن الأحداث الماضية
يجعلونها حيّة. ويقول النحاة إما ينقلك إلى الحدث أو ينقل الحدث إليك.
وكلاهما تعبير عن الأفعال الماضية بالفعل المضارع ويدخل في زمن الفعل.
وللفعل أزمان متعددة وللفعل الماضي وحده 16 زمن وما يُدرس في المدارس
والجامعات هو زمن واحد أي الماضي فقط.

فالتضاد من الخطوط التعبيرية في السورة فما فائدة التضادّ في اللغة؟ التضاد يُبرز المعنى ويوضحه. والشيئ يُظهر حسنه الضدّ.

*أسئلة متفرقة :

* ما اللمسة البيانية في عدم ذكر الحور العين في نعيم الجنة في سورة الإنسان؟(د.فاضل السامرائى)

ليس
هذا هو الموطن الوحيد الذي لم تُذكر فيه الحور العين مع الجنّات فهي لم
تذكر في مواطن عديدة في القرآن وليس كل المواطن يُذك فيها الحور العين.
هناك مجالس بين الإخوان لا يَحسُن فيها ذكر الحور العين وهناك مواطن خاصة
تقتضي ذكر الحور العين. على سبيل المثال إذا وصف لنا أحد ما بلداً فلا داعي
لأن يصف نساءه إذا لم تقتضي الحاجة. وكذلك في سورة الإنسان فالمقام
والسياق يتعلقان بالطعام والشراب واللباس والآنية ولا يتعلق بذكر الحور
العين. والذكر والحذف قد يتعلق أحياناُ بالتفصيل والإيجاز.

*
حينما يصف الله تعالى الجنة يصف الحور العين (بيض مكنون) (كواعب أترابا)
إلا في سورة الإنسان وصف الشراب والسندس والاستبرق ولم يصف الحور العين فما
السبب؟(د.فاضل السامرائى)


في
الحقيقة ليست في سورة الإنسان وحدها وإنما في أكثر المواطن التي وردت في
القرآن في الجنة لم يذكر فيها الحور العين آل عمران لم يذكر فيها الحور
العين والمائدة لم يذكر فيها والأعراف، وفي يونس لم يذكر فيها ولا في هود،
في الحجر لم يذكر فيها، الكهف لم يذكر فيها والفرقان لم يذكر فيها ولا
فاطر، أكثر من 16 موضعاً لم يذكر فيها الحور العين والجنة ليست كلها متعلقة
بالحور العين فقط والحور العين وردت أربع مرات في القرآن بينما ورد ذكر
الجنة 35 سورة فيها ذكر الجنة فليس بالضرورة الجنة متعلقة بالحور العين
وإنما متعلقة أيضاً بالعلاقات والأصدقاء وما إلى ذلك ولم يُذكر فيها الحور
العين. وهناك حقيقة أمر أنه لما يذكر القرآن الأزواج أزواج أهل الجنة لا
يذكر الحور العين (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ
تُحْبَرُونَ (70) الزخرف) إذا ذكر أزواج المؤمن في الجنة لا يذكر الحور
العين (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ (25) البقرة) (ادْخُلُوا
الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ) لم يذكر الحور العين مع
الأزواج مراعاة لنفسية المرأة حتى لا تغير.


بدأت السورة بالإنسان وهو لم يكن شيئاً مذكورا وانتهت بخاتمة هذا الإنسان ومصيره فبدأت ببدئه قبل أن يكون شيئاً مذكوراً (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا (1))وخُتمت بخاتمته ومصيره إما أن يكون مرحوماً أو معذباً (يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31))
فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً. .فكأنها رحلة الإنسان ولهذا سُميّت سورة
الإنسان. ويذكر الله تعالى في السورة كل ما يتعلق بالإنسان وهو في الحياة
وهو يخاف من ربه ويخاف من اليوم الآخر وهذه هي رحلة الإنسان. إذن سورة
الإنسان بدأ بالإنسان وقبل بدئه وانتهت بخاتمته ومصيره وكأنها تمثّل عمر
الإنسان.

وأمر آخر هو أنه تعالى في أول السورة ذكر الشاكر والكفور وفي خاتمتها ذكر المرحوم (يُدخل من يشاء في رحمته) والمعذُب (والظالمين أعدّ لهم عذاباً أليما).


في آخر سورة الإنسان قال (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)) وفي المرسلات تكلم عن اليوم الآخر وتكلم عن المرحومين والظالمين. فقال (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)) وقال في المرسلات (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (Cool وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9)) هذا وعد (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31))
ثم ذكر الموعد (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (Cool وَإِذَا السَّمَاءُ
فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ
أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13))
هذا الوقت الذي يدخل فيه من يشاء في رحمته وأعد للظالمين عذاباً أليماً. ثم
سبق الكلام في الإنسان على على جزاء الكافرين والمرحومين
(إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5))
وفي المرسلات قال (انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29)
انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ وَلَا
يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31)) (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ
(41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42)) نفس الجماعة. المتقين والأبرار
درجات ويقولو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin
Admin



2
دعانى الى المنتدى : انا عملتو وانا ما في حدا دعاني
مكانى /دولتى : فلسطين
عدد المساهمات : 532
نقود للمتجر : 896
تاريخ التسجيل : 22/05/2013
العمر : 23
الموقع : فلسطين
تعاليق : اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله

 لمسات بيانية من سورة الانسان -3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمسات بيانية من سورة الانسان -3    لمسات بيانية من سورة الانسان -3 11750610الخميس مايو 30, 2013 10:45 am

شكرا على موضوعك الرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://anamoslem.ogamefever.com
&BrInC EgYpT&




عدد المساهمات : 5
نقود للمتجر : 5
تاريخ التسجيل : 18/06/2013

 لمسات بيانية من سورة الانسان -3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمسات بيانية من سورة الانسان -3    لمسات بيانية من سورة الانسان -3 11750610الأربعاء يونيو 19, 2013 3:36 pm

سلمت انا ملك

جزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دينا حسني




عدد المساهمات : 15
نقود للمتجر : 25
تاريخ التسجيل : 27/06/2013

 لمسات بيانية من سورة الانسان -3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمسات بيانية من سورة الانسان -3    لمسات بيانية من سورة الانسان -3 11750610الخميس يونيو 27, 2013 7:10 pm

بوركت و سلمت اناملك على هذا الموضوع الرائع ..
بورك القلم الذي أبدع .. و بوركت اليد التي أمسكت به .. و بورك العقل الذي فكر .. و بوركت الأعصاب التي حركت اليد ..
حفظك الله و مواضيعك لنا و لا حرمنا منك أبداً ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ms ran




عدد المساهمات : 10
نقود للمتجر : 10
تاريخ التسجيل : 12/07/2013

 لمسات بيانية من سورة الانسان -3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمسات بيانية من سورة الانسان -3    لمسات بيانية من سورة الانسان -3 11750610الجمعة يوليو 12, 2013 4:37 pm

جزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لمسات بيانية من سورة الانسان -3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  لمسات بيانية من سورة الانسان - 1
»  لمسات بيانية من سورة الانسان - 2
» إن الانسان الحر كلما
»  اهداف سورة البقرة
» نفحات قرآنية .. في سورة الأنعام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الاسلام ديني العام :: القران الكريم-
انتقل الى: