بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
يقول الله عز وجل: في سورة التوبة.
﴿انْفِرُوا
خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)﴾
أما
خفافاً: يعني صغار في السن، الشب خفيف، والإنسان المتقدم فالسن حركته
ثقيلة، أو خفيف بالأعباء، أو ثقيل بالأعباء يعني مشغول أو مالك مشغول، عندك
ازدحام بالأعمال أو متفرغ صحيح أو مريض، كبير أو صغير، في كل الأحوال
كلمة:
﴿خِفَافاً وَثِقَالاً﴾
تعني كل الأحوال.
﴿انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً﴾
معنى
انفروا ؟ في معنى أكبر من سارعوا بقلك نفير عام، يعني جاهزية قسوة، ضع كل
إمكاناتك، وقدراتك وعضلاتك، وعلمك، وخبرتك، ومالك، ضع كل هذا في سبيل الله
إن كنت في السراء أو في الضراء، في الصحة، أو في المرض متقدم في السن، أو
صغير في السن.
﴿انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾
الله عز وجل دائماً بقدم المال عن النفس.
﴿وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ﴾
لأن بذل المال أهون من بذل النفس، إلا في آية وحدة ! ربنا عز وجل قدم بذل النفس على بذل المال قال:
﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ﴾
هذا
بيع قطعي، إذا كان اشتريت بيت وكراج بتقدم بالعقد البيت لأهميته، مادام
بيع قطعي، الله قدم النفس عن المال مادام بذل الله قدم الأسهل.
﴿وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾
كلام خالق الكون.
أما النقطة الدقيقة بالآية ؟
﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)﴾
فإذا
الواحد يرى أن الدنيا أثمن، وأن الراحة أثمن من الجهاد، فهو بنص هذه الآية
لا يعلم لو كان عاقل، لو كان ذكي، لو كان معه أ_كبر شهادة، إذا ما آثر
الآخرة على الدنيا، إذا ما آثر البذل على الإمساك، ما آثر النفور إلى الله
عز وجل، النفرى إلى الله على القعود والكسل، فهو لا يعلم، لا يعلم من هو،
ولماذا هو في الدنيا، وماذا بعد الموت.
الحقيقة الآية هي، ممكن تنسحب على أي آية، كلما قرأتم قوله تعالى:
﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)﴾
معنى
إن لم يكن علمك وفق هذه الآية، فأنت لا تعلم، يعني إن لم تكن رؤيتك،
الإنسان يتحرك برؤية، الإنسان لما يسرق، ماذا يرى ؟ يرى أن السرقة أفضل من
العمل كسب كبير بلا جهد، فما في إنسان يمشي يتحرك إلا برؤية.
أنا
مرة كنت جاية من بلد من حلب، دخلت دمشق من شارع العدوي بأيام الشتاء
القارصة، برد شديد صقيع، لقيت إنسان عما يركض، بالليل ما الذي جعله يركض ؟
الرؤية، هو يرى أن الجري صحة، والجري المنتظم، كل يوم، برد، حر، شوب، مطر،
ثلج لابد من أن يجري، فهذا الإنسان الذي يجري في هذا الوقت البارد علمني
درساً، أن الإنسان حينما يرى الخير في شيء، يبادر إليه يعني الشام فيها خمس
ملايين إنسان، خمس ملايين في غرف الجلوس والمدفأة شاعلة وعما يتعشوا
ومسرورين، إلا هذا الإنسان رؤيته أنه الجري أفضل بالبرد، قضية رؤية.
فالذي
يرى أنه الآخرة هي الخير، فهو يعلم، الذي يرى أن بذل الجهد في سبيل الله
هو الخير، إذاً يعلم، الذي يرى العكس لا يعلم فكل ما بتجي آية بالقرآن
الكريم.
﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)﴾
اقرأ
مضمون الآية إذا أنت رؤيتك وفق هذا المضمون، والله، بارك الله بك، معناها
تعلم أما إذا كان رؤيتك خلاف المضمون، يعني مثلاً إذا واحد يرى أنه كل ما
كثر ملح ينزل ضغطه، هذا جاهل، هو لا يعلم، أنه بقلك الطبيب، خفف الملح من
أجل أن ينزل الضغط، إن كنت تعلم، فإذا كان رفعت الملح، لتنزل الضغط، معناها
ما بتعرف شي، مدموغ بالجهل، لو كان معك شهادة عالية، دقيقة الآية، رؤيتك،
ما هي رؤيتك ؟ هل ترى أنه:
﴿انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾
بس:
﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)﴾
فإن كنتم لا تعلمون، ترون الدنيا خيراً لكم، القعود خير، جمع المال خير الانغماس بالملذات خير، جلب المصالح نحو ذاتك خير.
قل
لي ما هو الخير بنظرك ؟ أقل لك من أنت، خير، هناك من يرى الخير بالمال
أوفي قبض المال، أو في السيطرة، أو في التمتع في الملذات، أنت أنظر إلى
رؤيتك ماذا ترى، ما الذي يسعدك، أن تأخذ المال أو أن تنفقه، ما الذي يسعدك،
أن تبذل جهداً في طاعة الله أو أن تستمتع بالنعيم، والرخاء، هذه الرؤية هي
أخطر ما في الإنسان هي عقيدة الحقيقة الرؤية ملخص العقيدة، لما الإنسان
يرى أن هذه الدنيا دار مؤقتة، والآخرة هي دار قرار، يفعل للآخرة، فأنت كل
ما بتقرء آية.
﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)﴾
بتقرأ
مضمون الآية، إذا كان رؤيتك الحقيقة الداخلية للحياة وفق هذه الآية، فأنت
ممن تعلم، بارك الله بك وإذا كان رؤيتك، خلاف الآية، فأنت لا تعلم، اشتغل،
إذا رأيت أن قبض المال أفضل من أنفاقه أنت لا تعلم.
الله عز وجل قال:
﴿وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾
خالق، إله، الخبير، الذي إلية المصير.
﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)﴾
فإذا رأيت أن قبض المال هو الخير أنت لا تعلم ! ممكن كل واحد يمتحن علمه من هذه الآية، تعلم أو لا تعلم، الله قال:
﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)﴾
تفعلون كذا.
يعني
إذا واحد على جانب بسيط من الثقافة قال لك هذا البناء يحتاج إلى حديد، في
نقطة مهم كنت أقوله دائماً، إذا قال لك مهندس أن ممكن عمرك بناء من دون
حديد أسمنتي، هذا لا مهندس ولا متعهد ولا بناء ولا فاعل، كلمة وحدة حكاه،
قال لك ممكن عمر بناء من دون حديد هذا لا مهندس ولا متعهد ولا بناء ولا
فاعل، لأنه هذه حقيقة بديهية، إذا قال لك واحد كل ما أكلت ملح أكثر بنزل
ضغطك، هذا لا طبيب، ولا مساعد طبيب، ولا ممرض ولا إنسان يفقه شيء بالطب.
فالقضية
دقيقة، الخير في الأنفاق، والخير في بذل الجهد والخير في أن تجاهد نفسك
هواها، والخير أن تنفر إلى الله خفيفاً أو ثقيلاً، فما بقى في سن أخي أنا
تقاعدت، المؤمن لا يشيخ.
كان في الشام رجل،
من كبار العلماء، ذهب إلى المدينة المنورة كي يجاور النبي علية الصلاة
والسلام، قال رواه في المنام قله يا ولدي بقاءك في بلدك خيراً من مجاورتي،
روح أشتغل يعني رجع على بلده، وفتح مدرسة، فتحها كان عمره 18 سنة، وبدأ
يعلم الصغار، العلم الشرعي، حتى 98 ! يعني علم 80 سنة، كان إذا رأى شاباً،
يقول له أنت كنت تلميذي يا ولدي، وكان أبوك تلميذي وكان جدك تلميذي، أنت
وأبوك وجدك تلاميذي، وبلغ 98 وهو منتصب القامة، حاد البصر، مرهف السمع،
أسنانه في فمه، ويتمتع بقوته التامة، كلما قيل له يا سيدي ما هذه الصحة
الذي حباك الله بها يقول يا بني حفظنها في الصغر فحفظها الله علينا في
الكبر، من عاش تقياً عاش قوياً، مين منا ما بحب يتمتع بسمعه وبصره وقوته
وما يبرك الله عز وجل، ويكرمه ويجعله مكانة عالية، وما يعيد القصة مائة مرة
ولا يخرف ولا شيء، يحفظ الله في الصغر، أحفظ الله يحفظك، قله هذه كلمته
الشهيرة، يا بني حفظها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، من عاش تقياً
عاش قوياً، زرت شخص بالعيد، عمره 96 سنة والد صديقي، قللي اعملنا تحاليل ما
طلع في شيء، قللي والله يا أستاذ ما أكلت قرش حرام في حياتي، ولا بعرف
الحرام، قصده النساء يعني، لا بيعرف الحرام ولا أكل قرش حرام، 96 تحاليل
كاملة ما في شي، يا بني حفظنها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، كمان
إذا الإنسان حضر مجلس علم، وفهم كلام الله، وفعل هذا، النبي يقول:
(( من تعلم القرآن متعه الله بعقله حتى يموت ))
أنت
إذا قرأت القرآن وحاولت أن تفهمه، وأديت الصلوات الخمس، وأطعت الله عز وجل
النبي الكريم، بشرك أنك لا تخرف، ولا ترد إلى أرذل العمر.
حدثني
أخى عن والدته، طبعاً كل ما لبسوها تخلع كل ثيابها تأكل من نجسها، قللي
نربطها يديه لفوق وننيمها على ليوان مقور هذا أرذل العمر، خرفت، عما تأكل
نجسها، نربطها لفوق، أيام بتلاقي مؤمن يعني بـ 98 متألق، مثل كوكب الدري،
ماكن، ذاكرته جيدة، مكانته كبيرة، مصدر خير للناس، شغلة مدروسة يعني يا بني
حفظها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر.
﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)﴾
خليه
بالك هي، كل ما رأيت رؤيتك متوافق مع القرآن بشارة لك، إذا العكس، لا
تعلم، أنا معي بورد خير أن شاء الله، أعلى شهادة معك، لا تعلم بنص الآية،
هذا ذكاء جزئي أسمه ليس ذكاء شمولي، في ذكاء جزئي، قد يكون الإنسان ذكي
فيما هو في أما الذكاء الشمولي يعرف ربه، يعرف آخرته يتوافق مع مصيره
المحتوم.
والحمد لله رب العالمين.
بسم
الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا
محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا،
وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي
الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.
والحمد لله رب العالمين
موقع النابلسي للعلوم الاسلامية